Estimated reading time: 9 minute(s)
كتب للأحساء اليوم : صالح بن سلمان العيسى
العادات والتقاليد (الحرف التراثية الشعبية)
التراث الشعبي هو ما خلفه الآباء والأجداد لكي يكون عبرة من الماضي ونهجاً يستقي منه الأبناء الدروس لكي يعبروا بها من الحاضر إلى المستقبل، وقد اشتهرت الأحساء بتنوع الحرف وكثرتها التي لا نظير لها في منطقةٍ أخرى من مناطق المملكة؛ وذلك لوجود المقومات الأساسية لإحياء التراث. ومنها: صياغة الذهب، والخرازة، والعطارة، والخبازة، وصنع الليف، والفخار، والعباءات، والأزياء، والمأكولات الشعبية مثل: العصيدة، والرغيدة، وخبز الرقاق أو (خبز المسح) والمرقوق الحساوي، والفتيت، وغيرها.. وكانت في الماضي مصدر الرزق للحرفيين.. ومن تلك الحرف:
– صناعة ماء اللقاح أو التلتال:
من أرض العطاء والخيرات من أرض الأحساء خيرات هذه الأرض لا تتوقف -بإذن الله تعالى- ومن هذه الخيرات خيرات النخل والتي لا تعد ولا تحصى، وماء اللقاح من هذه الخيرات.. فكيف يستخرج ماء اللقاح؟
يستخرج من التلتال بعد تلقيح النخل بواسطة النبات، وتسمى عملية التنبيت، وهناك أنواع من التلتال وأجوده ما يؤخذ من الفحل، ونخلة الشيشي، والخلاص، والحاتمي، فبعد التنظيف يؤخذ إلى عملية الفرض لعمل شرائح ثم يؤخذ بعدها إلى عملية الطبخ، حيث يوضع في قدور ويصب عليه الماء ثم يوضع القدر على النار ويغطى بالغطاء ويوجد أعلى غطاء القدر فوهة يتم تركيب ماسورة، فعندما يغلي القدر يتبخر من الغليان ويمر عبر الماسورة إلى إناء يتجمع فيه ماء التلتال أو اللقاح، وتسمى هذه العملية بالتقطير، ثم يعبأ في علب زجاج ويباع في الأسواق.
ومن منافع النخلة غير التمر والرطب: السعف، والليف، والكرب، والتلتال يحافظ على النبات بداخله، ومن فوائد ماء اللقاح: تنظيف الكبد، وتنظيف البنكرياس، وطرد الغازات، ويستخدم كنكهة جميلة يضاف إلى مشروب الشاي.
ومن سكان الحارة برع كل من: محمد بن عبدالله الصليح، ويساعده “حسين المساعد، وصالح الفرحان”، ومحمد بن عبدالرحمن السليم، ويساعده “خليل بن إبراهيم الطويل، وإبراهيم بن عبدالعزيز بن هندي”، وفي الاونة الأخيرة برز فهد بن عبدالعزيز بن هندي، وعبدالرحمن بن عبدالعزيز الحميد، بصناعة ماء اللقاح وبيعه.
– صناعة تمر السلوق:
وهو عبارة عن بسر أو بلح أحد أنواع التمور كالبرحي، والزاملي، والخنيزي, ويتم جمعه وتنظيفه من الشوائب، بعد ذلك يوضع في قدر ماء مغلي لطبخه وسلقه، ثم ينشر على فرش مصنوع من الخوص؛ لتجفيفه تحت أشعة الشمس لمدة تصل إلى عشرة أيام؛ ليصبح مائلاً بين الليونة والقساوة، ويكون جاهزاً للأكل، وطعمه حلو ولذيذ ويتفتت في الفم، ثم يحفظ في أكياس من الخيش، وسمي بالسلوق؛ لأنه يتم سلقه، ويستعمل كتموين للحجاج والمعتمرين؛ لأنه يمكث لفترة طويلة، ويعدّ أحياناً بالمنزل، حيث تقوم الأمهات بسلقه، وتجهيزه، وإعطائه للأطفال ويمكن تشبيهه بالحلويات. وهو من الصناعات التحويلية فكان الطلب عليه كبيراً فيقوم كثير من المزارعين بسلقه ووضعه في خياش وبيعه إلى أحد التجار لتصديره إلى الهند للمتاجرة به، وتمر السلوق لم يعد كسابق عهده في اقتنائه والإقبال عليه؛ لذا تجدر الأهمية بتوثيقه ونشره للأجيال، وهو إرث من تراث الأجداد والآباء.
– صناعة الليمون الحساوي (المعتق):
الليمون من أهم الثمرات الحساوية الموسمية المحبوبة لدى سكان الأحساء ولدى الكثير من خارجها، حيث يعصر الليمون بعد تنظيفه في إناء وبعد تنقيته من البذور يعبأ في علب خاصة ويوضع في الثلاجة للتبريد ويشرب كعصير، أو تجميده في الثلاجة ويشرب كعصير عند الحاجة.
أما الليمون المعتق أو (المشمس) فيعصر ويعبأ في علب من الزجاج ويضاف إليه قليل من الملح، وأعداد بسيطة من القرنفل أو (المسمار) ويوضع في الشمس ويبقى شهوراً؛ حتى يتحول لونه إلى اللون البني الغامق، ويكثر استخدامه في شهر رمضان والأيام العادية باضافته إلى الشوربة؛ لإكسابها طعماً مميزاً.
والليمون الأخضر يعد أحد أشهر المكونات المستخدمة في العديد من المطابخ خاصةً لإضفاء النكهة على الأطباق الساخنة والباردة، ولإعداد المشروبات المنعشة، فهو يمتلك مذاقاً غنياً ورائحة زكية، له عدة فوائد صحية لجسم الإنسان.
أطال الله عمر من بقي منهم، ولمن رحل نسأل الله لهم الرحمة، والمغفرة، وأن يجزل لهم المثوبة والأجر.. آمين.. وللحديث عن حارتنا الجميلة بقية بمشيئة الله تعالى.
شكراً على هذا المقال الذي يوثق هذا التراث الجميل