Estimated reading time: 14 minute(s)
كتب للأحساء اليوم : عبدالله بن عيسى الذرمان
اشتغل الأستاذ أحمد علي الكاظمي بالأدب والتاريخ والتعليم والكتابة والتأليف؛ فكان من رواد القرن الرابع عشر الهجري في بلادنا الغالية، وهو الأديب الأستاذ أحمد علي بن أسد الله بن علي بن أحمد علي الكاظمي، وُلِدَ بمكة المكرمة، ولما بلغ سن التعليم التحق بالمدرسة الصولتية، وتلقى تعليمه أيضًا على والده وبعض العلماء والأدباء كالشيخ مظهر حسين والأديب عبدالمحسن الصحاف، وانضم إلى المعهد العلمي سنة 1344ه. وكانت حياته حافلة بالعطاء فقد عمل مفتشًا فنيًا بمديرية المعارف، ومساعدًا لمدير كلية المعلمين، وعميدًا لكلية الشريعة بمكة المكرمة. وشارك في كتابة المقالات التربوية والتاريخية، وترجم عددًا من الكتب التاريخية عن المملكة العربية السعودية إلى اللغة الإنجليزية. وله مؤلفات هي:
-تاريخ آل سعود.
-ذكريات.
-رحلة إلى الغرب.
-يوميات الرياض.
زيارته للأحساء ووصفها:
قام بزيارة عمل إلى الأحساء سنة 1360ه حين كان مفتشا فنيا بمديرية المعارف، والتقى مجموعة من رواد التعليم النظامي فيها كالشيخ محمد بن عبدالله آل عبدالقادر والأستاذ عبدالجليل الحلبي والأستاذ عبدالرحيم الأهدل، وقد دوّن ذكرياته خلال الزيارة ونشرها ضمن كتابه (ذكريات) الذي أصدره نادي الطائف الأدبي سنة 1397ه، وسأذكرها هنا للفائدة حسب ما جاء في الكتاب ووفق العناوين التي وضعها الكاتب:
الوصول إلى الأحساء:
دخلنا مدينة الأحساء الساعة (9،5) وعند الباب جاء رجال التفتيش وفتّشوا السيارة تفتيشا سطحيا ثم جئنا من أمام البريد المركزي.
المسافة بين الرياض والأحساء:
قطعنا المسافة بين الرياض والأحساء في (21) ساعة بعد حذف ساعات الوقوف للغداء والمبيت.
يوم 22/3/1360هـ:
طفتُ اليوم بسوق القيصرية، ومنها ذهبتُ إلى مدرسة الأحساء وكان مديرها الأستاذ محمد علي النحاس رحمه الله غائبا لمرضه، واجتمعت بالأستاذ الزميل عبدالجليل علي الحلبي (رحمه الله، وبعد العصر قمتُ مع الأخوين: آل المزروع والأستاذ عبدالجليل بجولة بين النخيل، وفي طريقنا إليها رأينا فيلقا من جنود الدفاع سائرا بنظام عسكري نحو البلد تتقدمه فرقة الموسيقى السلفية (الطبول وحدها).
وصف الأهالي:
بلاد الأحساء جميلة وأهلها أجمل منها، أناس طيبون يسلّمون على الإنسان ولو لم يعرفوه، وإذا سلَّم عليهم الغريب ردوا عليه التحية بأحسن منها بلطف ولهجة كلها ذوق ورقة، وليس للعبوس والامتعاض (التبويز على الفاضي) أي أثر هنا.
عين الخدود:
خرجتُ بعد العصر مع الأخ عبدالجليل والسيد عبدالله الهاشمي إلى عين الخدود الواقعة بين النخيل ونزلنا بها بقصد الاستحمام ولكن لجريان مائها بقوة لم أتمكن من البقاء فيها.
يوم 25/3/1360، 1942 م:
حضرتُ مأدبة الأخ حسن قناديلي مدير شرطة الأحساء، وقد تكلف الأخ فيها، وكان من بين المدعوين الأخوين: عبدالجليل وعبدالعزيز المزروع. وبعد العودة من المأدبة شغلت نفسي بقراءة كتاب مواسم الأدب وآثار العجم والعرب إلى وقت متأخر من الليل ثم نمتُ والمطر ينزل والرياح تهب بشدة والبرق يكاد يخطف الأبصار والرعد له دوي عظيم.
26/3/1360هـ:
عين أم سبع وعين نجم:
خرجتُ مع الأخوين: الأستاذ عبدالجليل وآل المزروع لزيارة أم سبع وعين نجم، وبعد أن وصلنا قصر خزام أدرك السواق أن وقود سيارته على وشك النفاد، وعاد بنا إلى البلدة، ووقفنا عند باب الكوت، وذهب السواق وجاء بالبنزين الكافي لسيارته وتحركنا من باب الكوت الساعة الرابعة إلى عين نجم، ودخلنا القبة ووجدنا جماعة من شباب البلد يستحمون فتوجهنا إلى عين أم سبع وهي: عين جارية وماؤها نمير، نزلنا فيها للاستحمام والعيون بمياهها والمناظر التي حولنا جميلة جدًا.
يوم 29/3/1360ه، 1942م:
حضرتُ سوق الخميس الدوري وهو مزدحم بالبائعين والشارين وبقسم كبير من المطمشين؛ أي المتفرجين، وقد دخلت كلمة المطمشين مدن الخليج العربي من الهند فالطماشة أو التماشة هي الفرجة بلغة الأردو. ومن السوق ذهبنا إلى زيارة الشيخ مشعان بن ناصر بدعوة منه على القهوة وكان الجو غائما، وعندما وصلنا دروازة الجرن (باب القرن) بدأ المطر فدخلنا البادة وغدا الجو بهيجًا مع المطر والهواء البارد اللطيف.
رحلة إلى المبرز يوم 29/3:
خرجنا إلى المبرز على الحمير بأجرة: الحمار بستة قروش، ووصلنا المبرز في (35) دقيقة ومررنا بدار الشيخ محمد آل عبدالقادر قاضي المبرز وبدار رئيس هيئة الأمر فلم نجدهما، ثم ذهبنا إلى الأستاذ عبدالرحيم الأهدل مدير مدرسة المبرز ووجدنا عنده فضيلة القاضي، وتحدثنا طويلًا في مواضيع شتى أهمها أخبار المدارس والتعليم وتأخره. ثم خرجنا من عنده إلى العين الحارة بقصد الاستحمام، والعين الحارة عبارة عن مستنقع واسع ويجري ماؤها بغزارة وحرارة إلى البساتين والمزارع، والعين يرودها الرجال من جميع الطبقات للاستحمام، وكذلك الجنس اللطيف ولهن محل خاص مسور، والحمامان لا يخلوان في معظم الأوقات من الرجال والنساء.
في المبرز:
صلينا الجمعة في جامع المبرز، وكان الخطيب قاضي المبرز الشيخ محمد آل عبدالقادر، وبعد الصلاة زرنا فضيلته في داره، ومن المواضيع التي تحدثنا فيها لهجات سكان الجزيرة وبصورة خاصة أهل نجد والأحساء.
نسخة أثرية من كتاب موطأ الإمام مالك:
وقد أرانا فضيلته نسخة قديمة جدًا لكتاب “الموطأ” وقال: لقد مضى على كتابتها ما يقرب من ألف سنة ومخطوطة أخرى أثرية، وذكر فضيلته أن بعض الأغنياء أراد أن يشتري منه هذه النسخة الأثرية من الموطأ بمبلغ خيالي فلم يُفرط فضيلته فيها وأبى أن يبيعها عليه.
حفلة مدرسة الأحساء:
حضرتُ اليوم 4/4/1360هـ حفلة أقامتها مدرسة الأحساء؛ تكريما لمعالي الشيخ عبدالله السليمان (رحمه الله)؛ بمناسبة قدومه إلى هذه البلاد وبدأ المدعوون يفدون إلى المدرسة من بعد العصر، أما الشيخ المحتفى به فلم يحضر إلا الساعة (11)، وافتتح الحفلة الأستاذ محمد ابن جندان، وألقى خطابًا مطولًا ثم أنشد الطلبة الأناشيد، وتتابع بعدهم نفر من الطلبة بكلمات الثناء والمدح، وأخيرًا قام الوزير، وألقى كلمة ارتجالية أشاد فيها بالعلم وفضل العلم، وأن العلم هو أساس كل نجاح، وتعرّض معاليه للصناعات فقال: إن بعض القبائل تعيب على من يشتغل بالصناعات، وهذا خطأ؛ لأن الصناعة هي أساس التقدم، وضرب لذلك أمثلة).
المراجع:
-إبراهيم الحازمي، موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر في العالم العربي والإسلامي: (2/533-535).
-أحمد علي، ذكريات: (ص 144-147).
التعليقات مغلقة.