المدربون الفقاعات

Estimated reading time: 7 minute(s)

كتب للأحساء اليوم : د. محمد بن أحمد الزهراني 

أطلق المارد الذي بداخلك! أنت طاقة خرافية.. فقط تحرر من سجن أفكارك، تبغى تصير مدربًا عالميًا؟!

تبغى تكون (كوتش قد الدنيا؟ا)، الأمر سهل، ما عليك سوى الانضمام إلى دورتنا التدريبية بسعر رمزي قدره ٩٩.٩٥ ريال (يعني ١٠٠ إلا خمس هللات).

تُضحكني كثيرًا هذه العبارات الترويجية لدورات تدريبية أبطالها مدربون ينطبق عليهم قول الشاعر:

ولي عزمٌ يشق الماء شقًا .. ويكسر بيضتين على التوالي

والأكثر إضحاكًا لشخصي المتواضع هو أن يقوم ذلك المدرب النادر في الوجود بـ”رز صورته” على البروشور بعد أن أخذ نفسًا عميقًا، وانتفخ صدره قليلًا، وأظهر ساعته التي في يده اليسار، ووقف بشكلٍ يلتفت يسارًا قليلًا.

ياجماعة الخير، خفوا علينا شوي، ليس كل من أخذ شهادة حضور أو تدريب (أبو يوم يومين) أصبح من حقه أن يدرب الناس، فالشهادة المعتمدة شيء والخبرة التراكمية الطويلة شيء، وكلاهما مطلوبان لكي يتجرأ المدرب أن يضع صورته على إعلان!.

عندما يمتدحك زملاؤك حولك بأن أسلوبك جميلٌ في الطرح ثم تحضر دورة تدريبية أونلاين؛ فهذا لا يعني أنك قد حصلت على الرخصة الدولية في التدريب.

مشكلتنا في العناوين البراقة المضحكة والتي يصدقها السذج من أطياف المجتمع، والأكثر إشكالًا أن يتصدر مشهدها ويقدمها من لا يعرف من هذه العناوين سوى الاسم + كلمتان من غوغل + ترجمة ثلاث إلى أربع مصطلحات إلى اللغة الإنجليزية (لضرورة الفلسفة).

ومشكلتنا الأخرى في شهادات الدورات التدريبية الصادرة من “شقة فوق مطعم بخاري”.

التفكير الإبداعي له نظريات تحدث عنها وليم جوردن وتحدث عنها جان بياجيه، وترجمها كبار الأكاديميين في الوطن العربي.. أتحداكم أن يعرفها أولئك المترززين في بروشورات أبو ٩٩ ريال و٩٥ هللة.

إلى الفقاعات البشرية الذين (يناقزون) عبر وسائل التواصل الاجتماعي متحدثين عن دورات تطوير الذات، أسألكم بصراحة، هل تعلمون من هو مؤسس نظرية الذات؟

(احتفظوا بالإجابة التي هي لا).

يا مدربون، يا مبدعون.. هاتوا ورقة وقلم واكتبوا: نظرية الذات تبناها العالم الأمريكي “كارل روجرز”، وسماها العلاج المتمركز حول العميل.

وقس على ذلك الكثير من المتغيرات العلمية التي يكون منطلقها أساس علمي نتيجة أبحاث طويلة تتبلور في نظريات علمية تجرى على عينات بشرية كبيرة؛ حتى يتم التأكد من صحتها ثم تعميمها على المجتمع الذي درست فيه.

وهنا أترككم لكي تقارنوا بين خلاصة جهود الباحثين لسنوات طويلة، وبين مدربي “أبو ريالين” الذين ينافسون بعضهم في الظهور الإعلامي معتمدين على العم غوغل في جمع المعلومات الرنانة التي تجذب المتابعين.

بصوت خفيف:

إن من يساهم في صناعة وانتشار مدربي الفقاعات هو بعض سفهاء المجتمع ممن يرون التدريب يكمن فقط في: أسلوب فريد.. وشماغ جديد

.

 د. محمد بن أحمد الزهراني 

أكاديمي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام

التعليقات مغلقة.