Estimated reading time: 13 minute(s)
موسكو – أحمد فايز
فيليكي نوفغورود هي واحدة من أقدم وأجمل المدن الروسية تأسست عام 859م، على بعد (150 كم) من سانت بطرسبورج على نهر فولكوف، و”فيليكي نوفغورود” تعني المدينة الجديدة العظيمة، ففي الفترة من القرن الـ(9) إلى القرن الـ(12) كانت مركز دولة روس القديمة والمدينة الثانية بعد كييف، وهي مدينة مثيرة للاهتمام بسبب تاريخها الغني والآثار المعمارية الروسية القديمة الفريدة، فهي واحدة من أقدم مراكز تشكيل الدولة الروسية، ويطلق عليها “متحف مدينة روسيا القديمة”؛ كونها تتميز باحتوائها على الكثير من المعالم السياحية الاثرية، حيث تضم نحو 50 من المعالم الأثرية الأكثر قيمة للعمارة الروسية القديمة في القرنين الـ((11) والـ(17)، وقد تم إدراج 37 معلمًا معماريًا في فيليكي نوفغورود في قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو في عام 1992.. فى مقالنا هذا نتعرف على تاريخها وأهم المعالم السياحية.
نبذة تاريخية:
السكان الأصليون لأرض نوفغورود هم القبائل الفنلندية الأوغرية، ففي القرن السادس جاء عدد قليل من قبائل “كريفيتشي سلافس” إلى أرض نوفغورود، وفي القرن الثامن في عملية الاستيطان السلافي في سهل أوروبا الشرقية؛ اتضح أن الحياة الاقتصادية والتفاعل السياسي للقبائل مرتبطان بطريق التجارة الدولي القوي بين البلطيق والفولغا، والذي يمر عبر نهر فولخوف وبحيرة إيلمين؛ ساهم النضال ضد التجار المحاربين الاسكندنافيين الذين سيطروا على التجارة الدولية في تسريع عملية طي علاقات الدولة، وبحلول منتصف القرن التاسع وعند منبع نهر فولكوف، تشكل مركز للتواصل السياسي بين القبائل التي عاشت على العديد من الأنهار التي تتدفق إلى بحيرة إيلمين، وتطور نظام تفاعلهم العسكري؛ لذلك استدعى أهل نوفغورود أمير يدعى “روريك”، كلف بمهام عسكرية وقضائية وإنفاذ القانون، وأصبح روريك الذي جاء مع عائلته وحاشيته “أول أمير لنوفغورود”، ووضع الأساس لسلالة عائلة روريك التي حكمت جميع الأراضي الروسية فيما بعد لأكثر من 700 عام، وفي بداية القرن العاشر بدأت قبائل نوفغورود في السلوفينيين وكريفيتشي، جنبًا إلى جنب مع الأمير إيغور والفرق الاسكندنافية، حملة إلى الجنوب لضمان تجارة متساوية مع دولة بيزنطة، وفي مطلع العام 1478م انضمت فيليكي نوفغورود وضواحيها إلى إمارة موسكو.
أبرز المزارات السياحية فى فيليكي نوفغورود:
النصب التذكاري “الألفية لروسيا”:
نصب تذكاري أقيم عام 1862م تكريمًا للاحتفال بألفية وصول أول أمير روسي “روريك” إلى مدينة نوفغورود، مصنوع من الجرانيت والبرونز، صُنع الجزء العلوي من النصب التذكاري على شكل كرة رمز للقوة، توجت بملاك به صليب لتجسيد الأرثوذكسية، وامرأة تصور روسيا، الجزء الرئيسي من النصب هو صور نحتية لـ128 شخصية روسية عظيمة، كان لكل منهم دور مهم في تاريخ البلاد منذ إعلان روريك أميرًا لروسيا، وحتى عهد الإمبراطور ألكسندر الثاني، فمثلا: تمثال الأمير فلاديمير -معمودية روسيا، ديمتري دونسكوي – التحرر من نير المغول، بيتر الأول – النصر على السويديين.
متحف الفن الخشبي:
هو متحف مفتوح يحتوي على بعض المنازل الخشبية القديمة والأكواخ والكنائس والمخازن، التي شيدها الفلاحون الروس من بداية القرن الـ(12) وحتى القرن الـ(14)، ويمكن زيارة كل مبنى والتجول داخله للتعرف على الظروف المعيشية في الأكواخ.
كرملين نوفغورود (ديتينيتس نوفغورودسكي):
كرملين المدينة هو الأقدم في روسيا، الذي نجا حتى يومنا هذا، تأسس في منتصف القرن الـ(11) على ضفاف نهر فولكوف، تبلغ مساحة الإقليم 12 هكتارًا، ويبلغ طول الجدران نحو 1.5 كيلومتر، يحميه 12 برجًا، أكثرها إثارة للاهتمام بالنسبة للسياح هي سباسكايا، وزلاتوستسكايا، ودفورتسوفايا، وبوكروفسكايا، وكوكوي دونجون مع منصة مراقبة، ومن السمات اللافتة للنظر في كرملين نوفغورود وجود الكنائس في قاعدة العديد من الأبراج، ويوجد في المنطقة كاتدرائية القديسة صوفيا ومدخل كنيسة القدس ومعبد القديس أندرو ستراتيلاتس، ونصب الألفية في روسيا.
ساحة سوفيسكايا أو ساحة النصر:
هى ساحة المدينة الرئيسية، سميت ساحة سوفيسكايا في القرن التاسع عشر، وبعد الحرب الوطنية العظمى أعيدت تسميتها ساحة النصر، وفي التسعينيات تقرر إعادة الاسم التاريخي، لكن هذا تسبب في احتجاج قدامى المحاربين في نوفغورود، لذلك تركوا لها اسمًا مزدوجًا، وتعد الساحة من الأماكن المفضلة لدى المواطنين والسياح؛ فهي مكان مهم لإقامة الحفلات الموسيقية والمعارض والمناسبات الاحتفالية، يقع فيها متحف الفنون الجميلة والمبنى الحكومي، وتضفي الفوانيس القديمة، المتلألئة بالضوء الخافت في المساء سحرًا خاصًا.
ساحة ياروسلاف والسوق القديم:
ساحة ياروسلاف والسوق القديم هي مجمع تاريخي للمباني، تم بناء المعالم المعمارية الموجودة فيه في الفترة ما بين القرون (18- 12)؛ لذلك يعد مكانًا مثاليًا للمس الثقافة القديمة في فيليكي نوفغورود، شكلت المعابد أساس الساحة التى سميت على اسم الأمير “ياروسلاف الحكيم”، وظلت كاتدرائية القديس نيكولاس ذات اللوحات الجدارية القديمة والأيقونات المنحوتة، وكنيسة باراسكيفا بياتنيتسا، التي بنيت على حساب التجار الأجانب، وكنيسة جورج في السوق قائمة حتى يومنا هذا، هنا أيضًا يقع برج البوابة والمباني المدنية الأخرى، الممرات البيضاء الطويلة لـ”جوستيني دفور”، والتي بُنيت في القرنين الـ(18) والـ(17) تجعل المجموعة مميزة.
هذا، وإضافة إلى العديد من الأماكن السياحية الأخرى، والتى يمكن زيارتها، فإن مدينة فيليكي نوفغورود تحظى بشعبية كبيرة بين الروس والضيوف الأجانب.
هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.
التعليقات مغلقة.