Estimated reading time: 12 minute(s)
موسكو – أحمد فايز
جافريل أبراموفيتش إليزاروف، جراح العظام الروسي، الذي ابتكر جهازًا غيرعادي في الخمسينيات، بفضله تمكن من إحداث ثورة في جراحة العظام، وعرف اختراعه “جهاز إليزاروف”، الذي يستخدم في عمليات إطالة العظام وعلاج الكسور، وهو أيضًا مؤلف أكثر من 600 ورقة علمية، بما في ذلك ثلاث دراسات و194 اختراعًا و13 براءة اختراع أجنبية في جراحة العظام والصدمات السريرية والتجريبية والميكانيكا الحيوية، حصل على لقب بطل العمل الاشتراكي (1981) وجائزة لينين (1979) وعضوية الأكاديمية الروسية للعلوم (1991)، كذلك حصل على العديد من الأوسمة والميداليات، ليس فقط فى روسيا، ولكن أيضًا فى العديد من الدول الأجنبية (إيطاليا، فلسطين، الأردن)، فى السطورالتالية نتعرف على قصة حياته:
ميلاده ودراسته:
ولد إليزاروف، في 15 يونيو 1921 في بيلوفيجي (بيلاروسيا)، بين عائلة من الفلاحين عددها كبير، وكان هو الابن الأكبر من بين ستة أطفال، أمضى طفولته في قرية جبلية في القوقاز، واصل دراسته الإضافية في كلية الطب في داغستان، وفي عام 1939 التحق إليزاروف بمعهد القرم الطبي في مدينة سيمفيروبول، خلال سنوات الحرب، تم إجلاء طلاب المعهد إلى مدينة “كيزيل أوردا” التابعة لجمهورية كازاخستان الاشتراكية السوفياتية، وفي عام 1944 تم إرساله إلى المستشفى الإقليمي باعتباره الطبيب الرئيسي والوحيد لمنطقة كورغان – قرية دولجوفكا، حيث بدأ طريقه من طبيب إلى مدير مركز كورغان العلمي لجراحة العظام والكسور الترميمية، كان هذا المسار طويلًا وصعبًا جدًا، فقد كان يؤدي واجبات المعالج وأخصائي أمراض الأعصاب وطبيب أمراض النساء والجراح والمدير التنفيذي للأعمال، ولأول مرة، ولدت فكرة علاج الكسور بطريقة جديدة، سميت فيما بعد “طريقة إليزاروف”، وكان أول تصميم لجهاز للعلاج غير الجبسي لكسور الأطراف، وأول من صمم وقام باستخدام الطريقة الجديدة.
إليزاروف المخترع:
كان إليزاروف مهتمًا بمشكلة تجديد العظام والأنسجة الرخوة في علاج كسورالأطراف، بحلول عام 1952، نجح إليزاروف في وضع اللمسات الأخيرة على جهاز فريد من نوعه مصنوع من حلقات ومشابك لدمج العظام وعلاج الكسور، والذي تم تسميته باسمه فيما بعد، لطالما وجد إليزاروف مصدر إلهام في طب الرضوح، أثناء عمله في مستشفى ريفي، فقد لفت الانتباه إلى مشاكل تجديد الأنسجة بعد كسور العظام، طور وقدم نظريته الخاصة في تكوين العظم، والتي أصبحت أساسًا لطريقة جديدة للعلاج – تركيب العظم بالضغط والإلهاء، من أجل إصلاح العظام بالطريقة اللازمة للطريقة الجديدة، ابتكر هيكلًا معدنيًا خاصًا عبارة عن جهاز تثبيت خارجي، وقدم طريقته لأول مرة في اجتماع لجمعية الجراحين العلمية الإقليمية في كورغان عام 1951، بعد ذلك بقليل، اقترح إليزاروف استخدام نفس الجهاز لتعويض عيوب العظام الأنبوبية، أكسبته هذه الطريقة في عام 1968 لقب دكتور في العلوم الطبية، وبمرور الوقت وبفضل المرضى الذين عالجهم أدرك المجتمع العلمي العالمي فعالية هذه الطريقة، حقق إليزاروف اختراقة في الطب، وافتتح حقبة جديدة في جراحة العظام، كانت الأجهزة المختلفة موجودة حتى قبل إليزاروف، لكن تصميمه فقط أعطى ما لا يستطيع الآخرون تقديمه قبله، في عام 1975 حصل على لقب “المخترع المحترم لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية”، للاختراعات التي فتحت اتجاهات جديدة في تطوير العلوم الطبية.
المرضى المشهورون
في عام 1968، لجأ حامل الرقم القياسي في الوثب العالي الشهير “فاليري بروميل” إلى جافريل أبراموفيتش طلبًا للمساعدة، والذي لم يكن قادرًا في ذلك الوقت على العودة إلى الرياضة لعدة سنوات بسبب حادث أدى إلى أن كانت إحدى ساقيه أقصر بمقدار 3.5 سم عن الأخرى، وقد تمكن جافريل أبراموفيتش من معالجة الأمروعاد بروميل إلى الرياضة، وكتب العالم كله عن شفائه المذهل والساحر على يد إليزاروف.
بعد تعافي فاليري بروميل، بدأ إليزاروف في تلقي مئات الرسائل يوميًا من أولئك الذين يرغبون في الخضوع للعلاج لعدة سنوات، كما ذهب الأجانب إلى كورغان، ومنذ عام 1982 تم إدخال طريقة إليزاروف في المستشفيات في روسيا وخارجها أيضًا، وكان من بين مرضاه المشهورين الملحن دميتري شوستاكوفيتش، الذي أنهى كتابة السيمفونية الخامسة عشرة في كورغان أثناء العلاج، والرحالة الإيطالي “كارلو موري” ،الذي كان قلقًا بشأن إصابة قديمة لأكثر من 20 عامًا، واستطاع العودة إلى وطنه سليمًا معافى، وألف كتابًا بعنوان “مايكل أنجلو لجراحة العظام”.
وفاته:
توفي الجراح الموهوب في 24 يوليو 1992، ودفن في كورغان، وفي عام 1993 تم تسمية المركز العلمي الروسي لطب الرضوض وجراحة العظام على اسم الأكاديمي جافريل أبراموفيتش إليزاروف، كذلك أقيم نصب تذكاري أمام المبنى المركزي ولوحة تذكارية على المنزل، الذي عاش فيه العالم، وفي ذكرى الأكاديمي إليزاروف في عام 2003 تم نشر المجلة العلمية النظرية “عبقرية جراحة العظام”، ومنذ عام 2005 أصبح الاسم الرسمي للمركز العلمي الروسي هو معهد الدولة الفيدرالي للعلوم “المركز العلمي الروسي” لعلاج الإصابات وجراحة العظام”، الذي سمي على اسم الأكاديمي ج. إليزاروف من الوكالة الفيدرالية للصحة والتنمية الاجتماعية.
هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.
التعليقات مغلقة.