Estimated reading time: 12 minute(s)
موسكو – أحمد فايز
سوزدال هي المدينة الأصغر في مدن الخاتم الذهبي لروسيا، زيارتها ستكون تجربة مميزة لمن يرغبون في المشاهدة والاستمتاع بأفضل ما في فن العمارة التاريخية في روسيا، حيث تضم أكثر من 40 معلمًا تاريخيًا مهمًا، و200 موقع تاريخي، تم إدراج الكثير منهم إلى مواقع التراث العالمي لليونسكو، تقع سوزدال في شمال شرق موسكو على بعد 200 كم، علي نهر كامينكا وتبعد 26 كيلومتر عن مدينة من مدينة فلاديمير، وهي حقًا جوهرة مدن الخاتم الذهبي لروسيا، يأتي إليها عشرات الآلاف من السياح كل عام، ويبلغ عدد السكان 12,063 نسمة.
نبذة تاريخية:
نشأت المدينة من بلدة قديمة كان أهلها يمارسون الزراعة والتجارة والصناعات الحرفية، وورد ذكر سوزدال في سجلات التاريخ لأول مرة في عام 1024م، وفي مطلع القرن الثاني عشر كانت مركز إمارة روستوف – سوزدال في عهد الأمير يوري دولجوروكي (مؤسس مدينة موسكو)، وفي عام 1157م نقل ابنه “أندري بووجلوبسكي” المركز إلى مدينة فلاديمير وأصبحت الإمارة تسمى إمارة فلاديمير- سوزدال، وفي عام 1392م ضمت سوزدال إلى دوقية موسكو، وفي القرن السادس عشر عانت سوزدال مع مدن روسيا الأخرى من محن كثيرة وغزو بولندى بعد وفاة القيصر إيفان الرهيب وابنه فيودور آخر قيصر من عائلة ريوريك الأسرة الأولى التي حكمت روسيا، وفي القرن السابع عشر شهدت سوزدال فترة ازدهار اقتصادي، لكنها تحولت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى مدينة ريفية نائية، بسبب بعدها عن السكك الحديدية، وفي عام 1967م أقرت الحكومة الخطة العامة لتطوير سوزدال والتي حولت المدينة بأكملها إلى متحف مفتوح، وشيّد المجمع السياحي الرئيسي، وجرت أعمال ترميم المواقع الأثرية وترتيب المرافق العامة في المدينة وتجميلها، وفي عام 1978م أدرجت منظمة اليونسكو الآثار التاريخية لسوزدال إلى قائمة آثار التراث الثقافي العالمي لليونسكو.
أهم وأشهر المعالم السياحية في مدينة سوزدال:
- كرملين سوزدال:
كرملين سوزدال من أبرز المعالم السياحية في سوزدال، بدأ كقلعة يعيش فيها مجموعة من الفلاحين، ومع مرور السنين تعرضت للغزو المغولي في القرن الثالث عشر، حيث تم حرق القلعة أكثر من مرة، ولكن في كل مرة كان يتم ترميم الكرملين بواسطة الحرفيين المحليين، وبحلول بداية القرن العشرين، تم تشكيل متحف سوزدال الكرملين في عام 1960م، وفي نفس الوقت، بدأ العمل في الحفاظ على صالات العرض بالحجر الأبيض، وأعيدت الزخرفة الأصلية إلى المعابد وأبراج الجرس، وبقيت في الكرملين الحواجز الترابية والخندق في القلعة القديمة بداخله عدة كنائس ومجمع قصر الأساقفة مع كاتدرائية الميلاد، ويقع في القسم القديم من المدينة.
- دير سباسويفيمييف:
من أشهر مجامع الأديرة في سوزدال، وقد شيد في عام 1352م كقلعة لحماية المدينة من الأعداء في الداخل والخارج، وفي عام 1766م شيد سجن في الدير بأمر من الإمبراطورة كاترينا الثانية، وفي عام 1826م، وبأمر من القيصر نيكولاي الأول، زج في سجن الدير العراف “آفيل” الذي تنبأ بوفاة حكام روسيا في زمانه بدقة تصل لحد الشهر، كما تنبأ بالأحداث اللاحقة في تاريخ روسيا مثل الحرب الأهلية والحرب العالمية الثانية.
- منزل بوساد:
يقع منزل بوساد في شارع لينين، إنه مبنى حجري صغير يعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، المنزل فريد من نوعه؛ لأنه في تلك القرون كانت المباني السكنية عادة ما تكون مشيدة من الخشب وبسبب هذا فإنها لا تبقى كثيرًا، لكنه بقى إلى يومنا هذا، يوجد بالداخل متحف يصور مراحل الحياة في القرن السابع عشر، ومن المثير للاهتمام أيضًا النظر إلى المنزل من الخارج: مبنى أبيض أنيق ومُصغر مع مداخن تبرز بشكل ملحوظ.
- القلب التاريخي للمدينة:
عبارة عن ساحة تجارية كبيرة، تقع في المركز القديم للمدينة؛ تأسس الميدان في القرن الثاني عشر ولم يغير الغرض منه منذ ذلك الحين، وهو الآن كما في العصور القديمة، يتميز بالطراز المعماري لتلك العصور.
- دير بوكروفسكي للراهبات:
ومارس دورًا متميزًا في تاريخ “روس القديمة” دير بوكروفسكي للراهبات في سوزدال، الذي تأسس عام 1364م، وفي القرن السادس عشر أصبح مكان منفى لبعض الأميرات وبعض النساء من العائلات النبيلة المغضوب عليهن، وتعتبر كاتدرائية بوكروفسكي الأثر المعماري الرئيسي في الدير وتوجد تحته قبور القيصرات المنفيات والأميرات المعظمات ونساء النبلاء من الأسر الأرستقراطية في روس القديمة.
مطاعم وفنادق سوزدال:
جميع مطاعم سوزدال مصممة بأسلوب عتيق، وتتميز بقائمة طعام ترضى جميع الأذواق، هذا ويمكن تجربة تذوق طبق روسي يطلق عليه بالروسية “سيلوتكا بود شوبا” أي الرنجة تحت معطف من الفرو، أو بورشت مع كرة من القشدة الحامضة وقلب الديك الرومي، أو الآيس كريم المصنوع من سمك الحفش. كما يوجد العديد من الفنادق في سوزدال مناسبة لرحلات رجال الأعمال وقضاء العطلة مع العائلة أو الأصدقاء فئة ثلاث وأربع نجوم.
ويحضر إلى هذه المدينة الجميلة سنويًا آلاف من السياح من كل أنحاء العالم لينغمروا في أجواء روسيا خلال القرون الوسطى.
هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.
التعليقات مغلقة.