رحلة في مساجد روسيا (2)

Estimated reading time: 12 minute(s)

موسكو – أحمد فايز

بدأ بناء المساجد في روسيا في القرن السابع الميلادي في منطقة الفولغا الوسطى منذ أن اعتنق البلغار الدين الإسلامي، وبعد ثورة 1917م هدمت كثير من الكنائس وأغلقت أبواب المساجد في روسيا، وعند تفكك الاتحاد السوفيتى عام 1990م، سمح بحرية العبادة، وبدأت إعادة إعمار وافتتاح المساجد، يعكس عدد المساجد بشكل واضح عملية الإحياء الإسلامي في روسيا، إذا كان في منتصف الثمانينيات أقل من 100 مسجد في أراضي الاتحاد السوفيتي، أما اليوم فقد تجاوز عددها الـ8000 مسجد موزعة في مختلف أنحاء البلاد، وكنا قد تجولنا في خمسة مساجد في مقال سابق تحت عنوان “رحلة فى مساجد روسيا”، وفي مقالنا هذا نتابع جولتنا لنتعرف على خكسة مساجد أخرى، والتي تتميز بتصاميمها المعمارية الفريدة، وتاريخها.

1. “مسجد آك” أو (المسجد الأبيض) أقدم مسجد في أستراخان:

افتتح المسجد الأبيض الخشبي في مدينة أستراخان عام 1777م، وبعد 33 عامًا أعيد بناؤه من الحجر على نفقة التاجر ديفيد إسماعيلوف، وأضيفت مئذنة جميلة بمبنى المسجد، في عام 1930م، أغلق وتحول إلى روضة أطفال، وفقط في عام 1992م أعيد المسجد إلى المسلمين وتم ترميمه وافتتاحه لأداء الصلاة، ويعد واحدًا من أقدم المساجد في مدينة أستراخان والتي تقع في الجنوب الغربي لروسيا، وهي أقدم مدن حوض نهر الفولجا، وهي ضمن 115 مدينة روسية ذات قيمة تاريخية، حيث كانت تمر خلالها الطرق التجارية للعرب والفرس.

2.مسجد بطرسبرج أهم مساجد روسيا القيصرية:

مسجد سانت بطرسبرج يعد نصبًا تذكاريًا لفن العمارة الإسلامية في أوائل القرن العشرين، تم بناؤه عام 1913م، بأشكال منمقة طبقًا لمدارس العمارة في سمرقند والقاهرة، جدران المسجد مكسوة بالجرانيت الرمادي، البوابة والقبة والمآذن مغطاة بخزف أزرق سماوي، الواجهة مزخرفة بآيات من القرآن فوق المدخل الرئيسي للمسجد، أبعاد المبنى مدهشة حقًا يبلغ طوله أكثر من 45 مترًا، وترتفع مئذنتان على ارتفاع 48 مترًا فوق سطح الأرض، يمكن أن يستوعب المسجد ما يصل إلى 5000 شخص في وقت واحد، وفي عام 1940 منعت الصلاة في المسجد وحولته السلطات إلى مستودع للأجهزة الطبية، وفي عام 1956 أعادته السلطات إلى المؤسسات الإسلامية بناء على طلب من الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو أثناء زيارته للمدينة، وفي عام 1980 خضع المسجد لعمليات ترميم رئيسية وفتحت أبوابه للمصلين.

3. مسجد “قلب الشيشان” أو “أحمد قديروف” أكبر مساجد في وسط مدينة غروزني:

افتتح المسجد في الذكرى الستين لأول رئيس لجمهورية الشيشان، بطل روسيا أحمد قاديروف، تبلغ مساحته 5000 متر مربع؛ مما يسمح باستيعاب نحو 10000 مصلي، وللمسجد أربع مآذن يبلغ ارتفاع كل منها 63م والقبة المركزية الضخمة ارتفاعها 32م وقطرها 16م، والقبة الزرقاء محاطة بأربعة أنصاف القبب، السقف ذو الشكل المعقد مزين بقباب أصغر، ترتكز على واجهات ذات نوافذ مقوسة، منها ينفذ ضوء الشمس إلى الداخل، مواصل القبة المركزية من الداخل تضيء بأشعة من الضوء الأزرق، للإيحاء بأنها السماء، ويقع في مدينة شالي، على بعد 35 كم من العاصمة الشيشانية غروزني.

4.مسجد إيركوتسك لم يغلق خلال حقبة النظام السوفيتي:

تأسس المسجد عام 1897م من قبل التجار التتار الأخوين شفيغولينوف في مدينة إيركوتسك« والتي تبعد عن بحيرة بايكال نحو 60 كم في شرق سيبيريا، في نفس العام تم افتتاح المسجد بالفعل، وبدأ الأذان لأول مرة، بعد افتتاح المسجد مباشرة تقريبًا، نشأ السؤال حول بناء مبنى أكبر؛ لأن المبنى الخشبي الصغير لا يمكن ببساطة أن يستوعب جميع مسلمي إيركوتسك الذين أرادوا القدوم للصلاة، بدأ جمع التبرعات لبناء مبنى حجري على الفور تقريبًا، وبحلول عام 1905م ظهر مبنى به مئذنة عالية رفيعة على خريطة إيركوتسك وينفرد مسجد إيركوتسك في أنه لم يتوقف عن العمل طوال فترة وجوده، حتى خلال سنوات الثورة والحرب الأهلية، مرة واحدة فقط خلال الحرب الوطنية العظمى، تم إغلاقه في الفترة من 1939 إلى 1946م، تم تكييف المسجد للمعيشة ثم المستودعات ومحل الخضار، ثم هدمت المئذنة، في الوقت الحاضر تجري أعمال الترميم، وقريبًا سيظهر المسجد في شكله الأصلي، كونه نصبًا معماريًا رائعًا في أواخر القرن الـ19.

5. مسجد “نورد الكمال” في مدينة نوريلسك المسجد الأبعد في الشمال الروسي:

مدينة نوريلسك تقع أقصى الشمال بالقرب من القطب الشمالي، هندسته المعمارية غير عادية، تم بناء المسجد على نفقة رجل الأعمال مهاد بكمييف، وهو مواطن من نوريلسك، كما أطلق عليه اسم “نورد كمال” تكريمًا لوالديه: والده نورالدين والأم العين الكمال، وتمّ إدراجه في كتاب غينيس للأرقام القياسية باعتباره المسجد الأبعد في الشمال، تم تصميمه بحيث يسمح بالحفاظ على الحرارة ومقاومة الرياح القوية، المسجد على شكل نجمة، مطلي باللون الأزرق، وقباب المبنى الرئيسي والمئذنة باللون الذهبي وجوانب المبنى مفصولة بأعمدة زخرفية بيضاء، وعلى كل جانب أربع نوافذ مستطيلة، والأجزاء العلوية من النوافذ مثلثة الشكل.

هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.

التعليقات مغلقة.