Estimated reading time: 12 minute(s)
موسكو – أحمد فايز
مدينة فلاديمير هي واحدة من أكبر المراكز السياحية في مدن الخاتم الذهبي لروسيا، تقع على ضفة نهر كلازما، وتبعد 180 كم شرقي موسكو، تشتهر في جميع أنحاء العالم بالهدايا التذكارية المصنوعة من لحاء البتولا، والخشب، والنسيج (الأوشحة، والمناشف)، والمجوهرات المصنوعة من الأحجار والمينا والكريستال، والمنمنمات المطلية، ويوجد بها آثار تاريخية ومعمارية فريدة من نوعها، أبرزها تم بناؤه في القرن الثاني عشر مثل: كاتدرائية الصعود، ودير روزديستفينسكي، والبوابة الذهبية، وتم إدراج مواقعها التاريخية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهي مدينة خضراء وموطن لعدد من الحدائق العامة والغابات، يزورها سنويًا آلاف من السياح ليشاهدوا تحف الفن المعماري العريق، وهى مدينة مزدهرة حافظت على كل من الآثار القديمة، يعيش فيها نحو 400 ألف نسمة.
نبذة تاريخية:
تأسست مدينة فلاديمير عام 990 م على يد أمير كييف “فلاديمير سفياتوسلافيتش”، وشيّد حصونها الأمير “فلاديمير مونوماخ” في عام 1108م، وازدهرت في عهد الأمير “أندري بوغوليوبسكي” الذي جعلها عاصمة لإمارة فلاديمير وسوزدال في منتصف القرن الثاني عشر، ظلت فلاديمير لفترة طويلة المركز الرسمي لشمال شرق روسيا، فقد كانت مقر إقامة لأساقفة الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، ولكن بحلول منتصف القرن الرابع عشر، بدأت تفقد دورها القيادي مع تطور وصعود موسكو، وأصبحت فلاديمير تتبع إمارة موسكو، خلال القرنين الرابع عشر والسابع عشر تعرّضت لسلسلة من المداهمات والحرائق والسرقات، والتي دمرت أجزاء من المدينة، في القرن الثامن عشر سعت السلطات المحلية لبناء المدينة من جديد بالمباني الحجرية، وفي الحقبة السوفيتية، بدأت فلاديمير في التطور كمركز صناعي، وتم بناء العديد من المصانع والشركات، إلى جانب تأسيس معاهد الفنون التطبيقية والتربوية، وافتتح أول خط ترولي باص، عام 1970م تم إدراج مدينة فلاديمير في قائمة المدن التاريخية لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية، واليوم تعتبر مدينة فلاديمير مركزًا سياحيًا، ومدينة ذات تراث ثقافي غني.
أهم وأشهر المعالم السياحية في مدينة فلاديمير:
- البوابة الذهبية:
شيدت في عام 1160م كجزء من الجدار الدفاعي لمدينة فلاديمير القديمة، على يد الأمير الأمير “أندري بوغوليوبسكي”، وكانت المدخل الرئيسي لفلاديمير، وهي مثال فريد للعمارة الروسية، وتم بناؤها من الحجر الأبيض وتبدو كأنها برج من أربعة جوانب بفتحة مقوسة، ومغلقة بأجزاء من خشب البلوط، مزينة بصفائح من النحاس المذهب.
- كاتدرائية الصعود:
كاتدرائية الصعود، بنيت في عام 1158م، وهي عبارة عن مبنى مكون من ستة أعمدة ذات قبة واحدة وثلاثة أبراج عالية في الشرق، وبعد تعرضها لحريق كبير تم إعادة بنائها من جديد عام 1189م؛ لتصبح لها خمس قباب متباينة الحجم، وستة أعمدة، وزينت من الداخل برسوم أيقونية متميزة، على يد رسام الأيقونة الروسي “أندري روبليف” عام 1408م.
- دير روزديستفينسكي:
من أقدم الأديرة الروسية في فلاديمير، تأسس عام 1192م من قبل الأمير “فسيفولود”، يضم كنائس ميلاد المسيح وألكسندر نيفسكي (كنيسة البوابة السابقة)، في القرن الثامن عشر، أصبح دير روزديستفينسكي مقرًا لأساقفة فلاديمير (ولا تزال موجودة في الوقت الحاضر)، تم إغلاقه في عهد الإتحاد السوفييتي، ثم عاد للحياة مرة أخرى عام 1992م.
- كرملين فلاديمير:
ومن أكثر المعالم التاريخية أهمية في مدينة فلاديمير، كرملين فلاديمير ليس مجموعةً من الأبنية المحاطة بالجدران، بل منطقةٌ كاملةٌ من المدينة تمتدّ من البوابة الذهبية إلى دير “روزديستفينسكي”، ويشكل جزءًا من شارع بولشويا موسكوفسكايا، الذي يتكون من أبنية تاريخية، وهو شارع تجاريّ منذ العصور القديمة، وإلى اليوم تشكّل الطوابق السفلى من مبانيه محلات تجارية ومقاهٍ.
- مسجد في مدينة فلاديمير:
يعد مسجد فلاديمير أحد الأماكن الثقافية المفضلة، والتي يتم على أساسها تنظيم العديد من الفعاليات المختلفة، وهو مثال للهندسة المعمارية والثقافة التقليدية الإسلامية، يمكن أن يستوعب 700شخص، مع العلم يعيش ما لا يقل عن 15000 مسلم بشكل دائم في فلاديمير، تم افتتاحه في احتفال يوم المدينة في الذكرى 850 لنقل الحكم في روس من كييف إلى فلاديمير، إنه أيضًا مركز الحياة الدينية لفلاديمير.
اليوم تعتبر فلاديمير مركزًا سياحيًا صناعيًا ومدينة ذات تراث ثقافي غني في الجزء الأوسط من روسيا وجزء مهم يبدأ منه الطريق السياحي الخاتم الذهبي لروسيا (إضافة إلى فلاديمير، فإنه يشمل أيضًا أربع مدن أخرى في المنطقة: بوجوليوبوفو ويورييف بولسكوي وسوزدال وألكسندروف).
وبذلك تنتهى سلسلة مقالاتنا عن مدن الخاتم الذهبي لروسيا، والتي تحدثنا فيها عن أهم وأشهر المعالم السياحية لكل مدينة على حدة، وفقط للتذكرة ثماني مدن رئيسية في الخاتم الذهبي لروسيا هي: “مدينة سيرجيف بوساد، بيرسلافل-زالسكي، روستوف فيليكي، ياروسلافل، كوستروما، إيفانوفو، سوزدال، فلاديمير”.
روسيا لعشاق السفر مصدر لا نهاية له من التجارب المدهشة والمثيرة، ولذلك فإن الرحلة إلى مدن الخاتم الذهبي لروسيا هي واحدة من أفضل الطرق لمعرفة وفهم روسيا.
هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.
التعليقات مغلقة.