Estimated reading time: 12 minute(s)
موسكو – أحمد فايز
يعد فندق متروبول موسكو واحدًا من الفنادق الفخمة والعريقة التي صممت في العصر الحديث وفق الطراز المعماري للفن الجديد “آرت نوفو”، ويستمتع نزلاء فندق متروبول موسكو بالموقع الفريد في قلب المدينة بين أشهر الميادين “ميدان تيترالنا”، أمام المسرح العالمي “البولشوى”، وبجانب تمثال “كارل ماركس”، وأقل من 10 دقائق سيرًا على الأقدام إلى الساحة الحمراء ومبنى الكرملين، ومتحف الدولة التاريخي، على مر الزمان ومنذ افتتاحه استضاف الفندق شخصيات عالمية، ففي عام 1951م، أقيم حفل عشاء على شرف ماوتسي تونغ، وكان ستالين حاضرًا، كما أقام فيه جاك شيراك، ونخبة من الفنانين العالميين مثل: أرنولد شوارزنيجر، شارون ستون، مايكل جاكسون، إلتون جون، وغيرهم الكثير خلال زيارتهم إلى موسكو، نجا الفندق الفخم من الحريق والهجوم الثوري والحقبة السوفيتية، ودخل القرن الجديد كأحد أفخم فنادق موسكو فئة الـ5 نجوم، في السطور التالية نتعرف على قصته.
البداية:
ترجع فكرة بناء الفندق لرجل الأعمال الروسي “سافا مامونتوف – عاشق الفن والفنانين”، وكانت فكرته هي بناء مجمع ثقافي وترفيهي ضخم يضم المطاعم والمعارض الفنية والمسرح وقسم الفنادق وحتى مجمع رياضي مع حلبة تزلج في قلب موسكو، وفي عام 1899م كلف المهندس “ويليام والكوت”، الذى بدأ البناء، واستمر العمل ما يقرب من سبع سنوات، لكن بعد مرور بعض من الوقت، اتهم مامونتوف بالاختلاس واعتقل، صحيح أن المحكمة برأته، لكنه أفلس ولم يعد بإمكانه تحمل تكاليف البناء الفاخر وخسر كل أملاكه.
إعادة البناء والافتتاح:
انتقل المبنى إلى ملاك جدد قرروا دعوة المهندسين المعماريين “كيكوشيف، وشيفياكوف” للانتهاء من المشروع ومواصلة تشييد المبنى، وفي عام 1901م كان مبنى الفندق جاهزًا تقريبًا، لكن فجأة اندلع حريق ودمر جميع الديكورات الداخلية تقريبًا، وبعد أربعة أعوام تم إعادة الديكورات وإصلاح ما التهمته النيران، وفقط في عام 1905م فتح الفندق أبوابه لأول ضيوفه وكان الافتتاح كبيرًا.
أطلق سكان موسكو على الفندق الجديد اسم “برج بابل”، حيث الأبراج، والنقوش البارزة، والقباب الزجاجية، والمشابك المخرمة، وألواح الفسيفساء، التي تزين واجهة الفندق، كل هذا أذهل خيال سكان موسكو، وضم مبنى الفندق ثلاثة مطاعم، والتي سرعان ما اكتسبت شعبية كبيرة بين سكان موسكو وزوارها الأثرياء.
تكون مبنى الفندق من ستة طوابق؛ السقف مغطى بقبة زجاجية، والجدران المضيئة المسطحة تتناغم مع النوافذ الزجاجية الكبيرة الملونة، والأقواس المزينة بالجرانيت تمتد على طول الطابق الأول، زُيّنت الواجهات بـ23 لوحة فسيفساء، يقع أكبرها على واجهة “تيترالني برويزد”، وهذه اللوحة مقتبسة من قصة أميرة الأحلام للفيلسوف الألماني “فريدريك نيتشه” فوق النوافذ في الطابق الثالث، ويحتوي الفندق على 400 غرفة، لم يكن هناك تكرار لبعضها البعض في الديكورات الداخلية.
خلال الحقبة السوفيتية:
مع اندلاع أحداث ثورة عام 1917م، فجأة تغير مصير الفندق الفاخر، وتحول إلى أحد معاقل المقاومة المضادة للثورة، لكن سرعان ما انتهى الأمر بانتصار الدولة السوفيتية الجديدة، وأصبح فندق متروبول واحدًا من المقرات الرئيسية للحكومة الجديدة تحت اسم “البيت الثاني للسوفييت” حتى 1919م، وتحولت قاعة المطعم المركزية إلى قاعة اجتماعات، حيث عقدت اللجنة التنفيذية المركزية للحزب اجتماعها الذي حضره الزعيم لينين وتروتسكي مفوض العلاقات الخارجية، وسكن في غرف الفندق كثير من البلاشفة البارزين منهم مثلا جورجي شيشرين، نيكولاي بوخارين، وفلاديمير أنتونوف.
في نهاية 1930 م، عاد الوضع إلى السابق وعاد المتروبول إلى المستوى العالمي، وشهد كثيرًا من الضيوف المشاهير الذين أقاموا فى الفندق خلال زيارتهم لموسكو، منهم مثلا برنارد شو، برتولت بريخت.
في الفترة بين 1986 ـ 1991م:
مع مرور الوقت، كان مبنى “متروبول” متداعيًا بشكل كبير، إضافة إلى أن معدات الفندق كانت قديمة وتحتاج إلى إصلاح لذلك أغلق لإعادة ترميمه، وفي عام 1986م بدأ العمل المعقد في ترميم وإعادة تجهيزه وتجديده وتم افتتاح فندق متروبول موسكو عام 1991م، ومنحت اللجنة الدولية الفندق – الأول في روسيا – “خمس نجوم”.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي:
في عام 2012 م تم بيع متروبول الأسطوري لشركة خاصة وبدأت مرحلة جديدة في حياة أشهر فندق في روسيا، وتولى فريق الإدارة الدولي لمتروبول إدارة الفندق ووضعت نصب عينيها هدفًا رئيسيًا وهو إعادة الفندق الأسطوري إلى مجده السابق، مع الحفاظ على التقاليد والقيمة التاريخية لهذا النصب المعماري الجميل.
في وقتنا الحالي:
حتى يومنا هذا لا يزال فندق متروبول موسكو يتمتع بشعبية بين الضيوف البارزين في العاصمة فهو المكان الذي يقيم فيه أفراد العائلات المالكة والرؤساء وكبار السياسيين والشخصيات الشهيرة، وبالطبع فهو واحد من أفضل الفنادق في موسكو والعالم ووجهة الباحثين عن الفخامة.
هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.
التعليقات مغلقة.