“مهرجان ماسلينيتسا”.. فطائر لا تنتهي في روسيا

Estimated reading time: 11 minute(s)

موسكو – أحمد فايز

مهرجان ماسلينيتسا أو أسبوع الفطائر في روسيا هو واحد من أكثر المهرجانات متعة في روسيا، والذى يتم الاحتفال به على نطاق واسع في جميع أنحاء روسيا، فهو يعكس تقاليد عمرها قرون، تم الحفاظ عليها بعناية وانتقالها من جيل إلى جيل، يُعرف أيضًا باسم “أسبوع فطائر الزبدة”، حيث يخبز عدد لا نهائي من الفطائر مع العديد من الحشوات والإضافات، من الكريمة الحامضة والكافيار والسلمون، ويمكن خلاله تذوق أكثر من 50 نوعًا من الفطائر في أماكن كثيرة مخصصة فى الميادين العامة، إضافة إلى ذلك، يمكن لضيوف المهرجان الاختيار من بين أكثر من 30 نوعًا من الجبن و50 نوعًا من الأسماك و100 نوع من اللحوم الشهية، يقام مهرجان “ماسلينيتسا” أو “أسبوع فطائر الزبدة” في الفترة من 20 إلى 26 فبراير 2023.. فما هي قصته ؟ ذلك ما سنعرضه في السطور التالية.

تاريخ الاحتفال بماسلينيتسا وأسبابه:

كلمة ماسلينيتسا هي كلمة روسية يشار بها إلى الزبدة وبالتحديد الفطائر المعدة بالزبدة واللبن والبيض، والتي كانت تعد منذ زمن بعيد في روس القديمة، فقد كان الاحتفال بمهرجان ماسلينيتسا عادة وثنية سلافية قديمة؛ لطالما كان الشتاء وقتًا عصيبًا على الناس يكثر فيه هطول الثلج ويزداد معه البرد ويسود فيه الظلام وتزداد ساعات الليل وتقل ساعات النهار؛ لذلك كان قدوم الربيع مبهجًا بشكل خاص، وكان من الضروري الاحتفال به، فقد كان الروس يوقرون الشمس كإله؛ لأنها أعطت الحياة لكل شيء، ابتهج الناس بالشمس التي بدأت تظهر أكثر فأكثر مع اقتراب الربيع؛ لذلك، ظهر تقليد تكريمًا لشمس الربيع، خبزت فيه كعكات مستديرة تشبه الشمس في الشكل، كان يعتقد أنه من خلال تناول مثل هذا الطبق سيحصل الشخص على قطعة من أشعة الشمس والحرارة، وبمرور الوقت استبدل الكعك المسطح بالفطائر المستديرة، الوردية، الساخنة  فهي رمز للشمس؛ مما يعني التجديد والخصوبة،أيضًا في روس القديمة، كانت الفطائر تعتبر طبقًا تذكاريًا وتم إعدادها في ذكرى الأقارب الراحلين، أصبحت الفطائر أيضًا رمزًا لدفن الشتاء، وتعبيرًا عن سعادتهم باقتراب قدوم فصل الربيع، ولمساعدة الشتاء على الابتعاد عن الربيع نظموا احتفالات ممتعة؛ فكلما تم طهي الفطائر وتناولها بدأ الربيع مبكرًا، وكان الحصاد أفضل، إضافة إلى الفطائر، كانت هناك طقوس أخرى مرتبطة بعبادة الشمس، على سبيل المثال، تم تنفيذ العديد من الإجراءات الطقسية بناءً على سحر الدائرة؛ لأن الشمس مستديرة، قام الشباب والكبار أيضًا بإعداد الزلاجة وربطها بالخيول والتجول في القرية عدة مرات في دائرة، إضافة إلى ذلك؛ قاموا بتزيين العجلة الخشبية بشرائط براقة وساروا بها في الشارع، خلال الاحتفال إنتشرت الرقصات المستديرة، والتي كانت أيضًا طقوسًا مرتبطة بالدائرة؛ أي بالشمس، كان يرمز إلى الشمس والنار، كذلك أشعل الرجال العجلات الخشبية وتدحرجوا أسفل التل، من استطاع أن يتدحرج دون سقوط واحد، كانت السعادة والحظ والازدهار ينتظره هذا العام، وكانوا يقومون بإشعال جسد الفزاعة رمز الشتاء الشرير (دمية من القش ترتدي زيًا نسائيًا مع فطيرة في يدها) والتى ترمز إلى نهاية الشتاء الوشيكة، أصبحت هذه الممارسة رمزًا شبه رمزي للمهرجان.

مع دخول المسيحية الأرثوذكسية في روسيا، اعتمدت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مهرجان ماسلينيتسا كأحد أبرز أعيادها، والذي يأتي مباشرة قبل أسبوع من الصوم الكبير، حيث إنه الأسبوع الأخير الذي يمكن أن يأكل فيه الروس الأرثوذكس منتجات الألبان قبل الصوم الكبير، وأقرته كأسبوع للتحضير للصوم الكبير، والتسامح، والمصالحة، وهذا هو الوقت الذي يجب تكريسه للتواصل الجيد مع الأقارب والأصدقاء وفعل الخير.

مظاهر الاحتفال ومواقع المهرجان في موسكو:

ينطلق مهرجان ماسلينيتسا هذا العام في 23 مكانًا في العاصمة موسكو؛ في كل منها ستفتح أروقة التسوق في كل موقع من مواقع المهرجان، ويحصل زوار المهرجان على مجموعة كبيرة من الجبن ومنتجات الألبان الأخرى واللحوم والأسماك الشهية والعسل والشراب والمربيات، وتنتظر الضيوف أطباقًا متنوعة، ليس فقط، ووسائل ترفيه كثيرة وحرق دمية، وستكون المواقع المركزية هي: ساحة الثورة وميدان تفرسكايا، حيث سيتعلم الأطفال أساسيات الرسم الفني للألعاب وطهى الفطائر، كما سيقومون بصنع دمية الفزاعة، أيضًا في حديقة جوركى، سيخبز المشاركون الشباب الفطائر، هذا إلى جانب الحفلات الموسيقية في ساحة تفرسكايا.

هذه السلسلة من المقالات عن السفر والسياحة في روسيا تحت نافذة “روسيا التي لا تعرفها” تنشرها صحيفة الأحساء اليوم، بالتعاون مع المرشد السياحي أحمد فايز، وهو مصري عربي روسي، يعيش في موسكو منذ أكثر من 25 عامًا، ويعمل هناك مرشدًا سياحيًا باللغة العربية؛ وتهدف إلى إثراء الحصيلة المعرفية للقارئ العربي ومساعدته على التعرّف على روسيا عن قرب.

 

التعليقات مغلقة.